| 0 التعليقات ]

الدليل الأول :- لماذا تنتصر الليبرالية الرأسمالية في الغرب بينما تفشل في كل مكان آخر
نحن ننسى باستمرار ان الليبرالية الرأسمالية العالمية اُختبرت من قبل ففي أمريكا اللاتينية مثلا جُربت الاصلاحات الرامية لإقامة نظم ليبرالية رأسمالية أربع مرات على الأقل منذ الاستقلال عن أسبانيا في عشرينيات القرن التاسع عشر وفي كل مرة وبعد نوبة الحماس الأولى وبعد اتباع تعاليم الكبار ونصائح صندوق النقد الدولي يرتد أهل امريكا اللاتينية عن الليبرالية وعن السياسات الرأسمالية وسياسات اقتصاد السوق وذلك بعد أن تكون قد انهارت اقتصادات تلك الدول ومن الواضح ان هذا العلاج غير كاف والواقع انه قاصر لحد أن يصبح بغير معنى .
المصدر: سر رأس المال .. لماذا تنتصر الرأسمالية في الغرب وتفشل في كل مكان آخر .هرناندو دي سوتو .. ترجمة :كمال السيد .. مكتبة الاسرة طبعة 2009 ص3

فدول أمريكا اللاتينية حاولوا أن يصبحوا جزءا من الليبرالية الرأسمالية وقاموا بإعادة هيكلة ديونهم وتثبيت اقتصاداتهم بمكافحة التضخم وتحرير التجارة وخصخصوا الاصول الحكومية وأصلحوا نظم الضرائب لديهم واستورد أهل أمريكا اللاتينية كل أنواع السلع من الحلل الانجليزية وأحذية نايكي إلى سيارات فورد وتعلموا الانجليزية والفرنسية بالاستماع الى الاذاعة وأشرطة التسجيل ورقصوا الشارلستون ومضغوا لبان تشيكلتس لكنهم لم ينتجوا أبدا ليبرالية رأسمالية وإنما أنتجوا كسـاح وفقر شديدين وأصبحت الأرجنتين مثلا ثاني أكبر مديونية خارجية في العالم الثالث وزادت مديونية الأرجنتين والبرازيل وشيلي بنسبة(3869%) بين عام 1960 و1983 وزادت معدلات البطالة بنسبة (30% ) ووصلت إلى الركود الاقتصادي الذي انتهى بالانهيار الاقتصادي عام2000.
المصدر: سر رأس المال .. لماذا تنتصر الرأسمالية في الغرب وتفشل في كل مكان آخر .هرناندو دي سوتو .. ترجمة :كمال السيد .. مكتبة الاسرة طبعة 2009 ص208

ولذا نجد أن عدد الديموقراطيات في أمريكا اللاتينية في عام 1975 أقل منه في عام 1955 وكان العالم في عام 1940 أقل ديموقراطية منه في عام 1919 فهناك عودة عن الديموقراطية في كثير من الدول التي طبقتها .. وانخفض التأييد للخصخصة من 46% الى 36% في مايو 2000 في أمريكا اللاتينية ..ويقترع الناس في تلك الدول دوما لكل ناخب يعدهم بطريق ثالث بعيدا عن الرأسمالية الليبرالية .

أما بخصوص الدول الشيوعية السابقة والتي قررت بعد انهيار الإتحاد السوفيتي أن تتجه إلى الليبرالية الرأسمالية الغربية وخفضت الدعم ورحبت بالاسثمار الاجنبي وقللت حواجزها الجمركية فكانت ثمرة جهودها خيبة أمل مريرة فمن روسيا إلى فنزويلا كان العقدين الماضيين زمنا للمعاناة الاقتصادية والدخول المنهارة والقلق والسخط وكما يقول رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد :- ( يمكننا أن نقول صراحة أن انتصار الرأسمالية في الغرب وحده يمكن اعتباره طريقا لوقوع كارثة اقتصادية وسياسية .)
لقد انهارت الدول الشيوعية السابقة !! وانهار الناتج المحلي الاجمالي في الاتحاد الروسي بمقدار 41% من 1990 الى 1997... (تقرير التنمية البشرية 1999 طبقا للأمم المتحدة .) ووصل الانتاج الزراعي في روسيا في عام 1995 إلى أدنى مستوى له خلال 30 سنة ..
وصارت الدول الشيوعية السابقة وأمريكا اللاتينية تبدوان متشابهين بطريقة مثيرة للدهشة اقتصادات سرية قوية .. عدم مساواة صارخة .. تفشي أعمال المافيا .. عدم استقرار سياسي .. هروب رأس المال .. إهمال فاضح للقانون ....

وهذه هي الاسباب في أن المدافعين عن الرأسمالية خارج الغرب يتقهقرون من الناحية الفكرية ويُنظر اليهم الآن وبصورة متزايدة على أنهم مبررون للبؤس والظلم اللذين ما زالا يحيقان بغالبية البشر.... ولذا حذر مجلس الشورى في مصر في سنة 1999 الحكومة من ألا تنخدع بعد ذلك بدعاوى الرأسمالية والعولمة بعد أن رأى مأساة أمريكا اللاتينية والدول الشيوعية السابقة .




الدليل الثاني :- المكسيك طبقت الليبرالية بالحرف الواحد فانهارت في 6 شهور فقط
في عام 1982 قررت المكسيك أن تلحق بالغرب وأن تُنفذ كل تعليمات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وتصير دولة ليبرالية رأسمالية راقية وبالفعل دخلت المكسكيك مرحلة التقشف الطويلة وترشيد الميزانية وبعد 13 عام من الالتزام التام بالنصائح والتعليمات وبعد أن نفذ ثلاثة رؤساء مكسيك جميع التعليمات وكانت المكسيك على حد وصف الليبراليين التلميذ المثالي وما أن جاء عام 1995 حتى كانت المكسيك مضرب المثل في كل شيء صائب فلقد نجحت المكسيك في القضاء على العجز الضخم الذي كان قد أصاب الميزانية وحققت التوازن المالي وقطعت شوطا كبيرا في مجال الخصخصة وباعت ما يربو على 1000 شركة عامة وانضمت لاتفاقية النافتا وهبط معدل التضخم الى 7% وكان الرئيس ساليناس يتصدر أغلفة كافة المجلات وصارت المكسيك طليعة الناجحين وبعد ستة اشهر فقط من تطبيق الليبرالية الرأسمالية انهارت المكسيك وضـاع الحلم وانتهى الأمل ..!! واعتبرت الصحافة المكسيكية أن المكسيك بتطبيقها لقواعد اللعبة الرأسمالية لم تقف على عتبة الغنى وإنما على عتبة الفوضى والضياع وتصدَّر الرئيس ساليناس أغلفة المجلات على أنه رمز العار والخزي وتم نفيـه خارج البلاد .. وصارت المكسيك طليعة الفاشلين

بعد ستة أشهر فقط من تطبيق الرأسمالية الليبرالية انهارت المكسيك وارتفع العجز في الميزان التجاري ليفوق عجز الميزان التجاري للدول اللاتينية مجتمعة وهبطت العملة بمقدار 30% وتعرضت لأكبر أزمة مالية طاحنة واقترضت المكسيك على أثر ذلك اكبر قرض في التاريخ (بعد قرض مشروع مارشال لتعمير اوربا بعد الحرب العالمية الثانية ) فقد اقترضت من صندوق النقد الدولي 52 مليار دولار لحل كارثة الرأسمالية التي تم تطبيقها في البلاد وحدث أكبر ركود منذ ازمة الثلاثينات وأُعلن إفلاس 15 ألف مشروع وفقد 3 مليون مواطن عملهم على رغم المعاناة التي تكبدها المكسيكيون على مدى 13 عاما لتتحول الى سوق نظام حرة وخرجت الجماهير الغاضبة وظهرت حركة البارزون وكان شعارها لا نستطيع الدفع ولن ندفع ولولا تدخل امريكا وانقاذ المكسيك بأكبر مديونية 52 مليار دولار لدخلت المكسيك عصر المجاعة ولم يكن تدخل أمريكا للمساعدة رغبة في المساعدة وإنما فقط لأن الإحجام عن مساعدة هذا البلد كان من شأنه ان يزعزع الثقة في الأيديولوجية الرأسمالية ويخلق حالة من الذعر في أسواق المال العالمية .
المصدر: مستقبل الرأسمالية .. ليستر ثورو ..ترجمة د.السيد عطا .. الهيئة المصرية العامة للكتاب 2005 ص284


التعليقات : 0

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.