| 0 التعليقات ]


روى الشروق الخميس المنصرم كلمة للأستاذ فهمي هويدي مزفورة بزفرة الارتياح لما قال إنه " سقوط الشيخ المهندس عبد المنعم الشحات " في انتخابات البرلمان ، أبدأ فيها وأعاد بالنقيصة من الشيخ ، حمله على ذلك اعتسافه في أمره فأداه إلى أن يناقض نفسه .
سلك الأستاذ سبيل الإعلاميين وتنكب سبيل الحق وقد كان له في سؤال الشيخ المهندس عما كان يرمي إليه في أقواله مندوحةٌ عن الوقوع فيه رجماً بالغيب ، فجاء كلامه ضرباً من الاشتفاء - غير ما كان يُنتظر من مثله - عاريا عن الدليل .. فكان كلاماً وحسبُ ينقض أوله آخره !
فالشيخ عند الأستاذ مجهول الحال في سطر ثم تبدلت حاله عنده بغتة فصار معروفاً عنه "التشدد منذ كان طالبا جامعيا" .. فلولا أوقفَنا الأستاذ على تعريف مبين لهذه الكلمة التي ما فتئت تطرق أسماعنا بكرة وعشياً ولا تُعرف لها حال !
على أنا نستطيع أن نرى من مجموع مقاله مقصده بهذه الكلمة في قوله عن الشيخ إنه " من غلاة السلفيين " ، لكنه كما ترى مقصد منقوص كشف الأستاذ عن بعضه وأعرض عن بعض .. فالمكشوف أنه الغلو لكن أي غلو ؟ أهو الغلو العملي أم الغلو الاعتقادي أم ماذا ؟
لم يتمثل الأستاذ فهمي مثالاً واحداً على هذا " التشدد " إلا مثاله عن كلام الشيخ عن الديمقراطية .. هذا والشيخ نفسه فسّر كلامه الذي فهمه الناس على غير مراده ، وقال إن الديقراطية كفر من حيث هي فكرة فلسفية مطلقة لا تقبل الحاكمية بل تنبذها وتستنكف أن تعلو عليها أي شريعة ولو كانت شريعة الله ! وليس يماري في كفر هذه الفكرة إلا متّهم في دينه وعقيدته .
أما الديمقراطية من حيث هي آليات كالانتخابات وسواها فهي أقرب ما تكون للشورى في الإسلام فلا غضاضة من قبولها ما دامت محكومة بالمادة الدستورية الثانية التي تنص أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع الرئيس فليس يصح أن يخالفها تشريع .

ثم انقطع كلام الأستاذ عن الدليل فعاد كلاماً من الكلام عماده الزراية وانقيصة ، لكن أغرب ما في مقال الأستاذ من تناقض أن يتهم الشيخ بأننا " لم نسمع منه شيئا عما يمكن أن يحقق شيئا فى مصالح خلق الله، وكأنه لا يريد أن يغادر ساحة الممنوعات والمحظورات. ولا ان يعطى الناس أملا فى المباحات أو المندوبات "
والأستاذ هو هو من قال قبل هذا السطر إن كلام الشيخ إنما كان " حين استضافه أحد مقدمى البرامج الشعبوية وأغرقه فى بحر من الأسئلة التى تدور كلها حول آرائه فى الحياة الخاصة للناس، اللبس والخلع والحجاب والنقاب والمايوهات والكباريهات والخمر والميسر واللهو " ، واتهم الأستاذ فهمي مقدم البرنامج بأنه " لم يسأله عن شيء مما يهم جماهير الناس، مثل البطالة أو التعليم أو الصحة أو التنمية لكنه حاصره فى مشكلات النخبة واهتمامات الطبقات العليا. وهى الاهتمامات التى ما برحت تركز عليها أغلب وسائل الإعلام فى الوقت الحاضر " ! نعم أيها القارئ الكريم هذا كلام الأستاذ وذاك كلامه أيضاً جمعتهما فقرة واحدة !

لكن ما ذنب الشيخ يا أستاذ أن كل مسئلة سُئل عنها إنما كانت عن الحرام ؟ وكيف أردت جواب الشيخ عنها ؟ أفي ذلك محل لمداهنة أو سياسة ؟ بالله أخبرنا أنت ما قولك في الخمر ؟ أيجوز أن يُقال : هي حرام لكن في السياسة ليس بها بأس ؟ وأن البكيني تُكره فيه الصلاة ؟ وأن الحجاب فيه قولان ؟  

أن يسأل الرجل عن رأيه في واقع الناس سوى أن يسأل عن أي الطريق هو سالكٌ لتغييره .. فالأولى بمنزلة أن يُستفتى فيه وليس للسياسة أن تجد في كلام المفتى محلاً فإنما القول قول الله ورسوله حكماً نافذاً وقضاء مقضياً ..  وفي الثانية تكون السياسة بما لا يعزب بالناس عن حكم الله وبما يقضي بتحقيقه على وفق سنن الله في كونه .. ولم يمار في ذلك الشيخ ولم يقل إن أمره في ذلك يأخذه غلاباً .
أما أن يُنعت المرء بألفاظ المغالاة والتطرف والتشدد إلى ما شئت تضع من أخواتها من غير تحقيق ولا إسناد ، فلو أن له اختياراً فقهياً بدليله الصحيح من كتاب أو سنة أو له فيه سلف ، فكيف يوصمُ بالتطرف ويؤخذ بالتشدد ؟

الإسلام وسطٌ كله ،  ذلك أن الله جعله وسطاً ، لا قول فلان وفلان ، فليس يصح أن يقال إن مذهباً هو أشد على الناس من مذهب ما دام له دليله وعليه سابقته، فإن ذلك حكمٌ ينشئه الاعتساف الذي ينشئه الهوى وقد كنا نجل الأستاذ عن أن يقع في ذلك ولله الأمر من قبل ومن بعد .


التعليقات : 0

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.