| 1 التعليقات ]




الحمد لله وبعد ،
فهذا مبحث للشيخ المحدث : الشريف حاتم العوني يقرر فيه صحة مجيء ( واو العطف ) بعد ( بل ) خلافاً لمن زعم من اللغويين أن هذا الأسلوب لا يصح .

وهذا المبحث موجود في آخر شرح الشيخ لموقظة الإمام الذهبي ، الصادر عن دار ابن الجوزي .

*************

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ... أما بعد :

فقد قرأت لمن يخطيء هذا الأسلوب بحجة أن توالي حرفي عطف غير جائز ، و (بل ) حرف عطف ، والواو كذلك .
وهذا إنما يقولونه لأنهم لم يجدوا هذا الأسلوب في كلام من يُحتج بكلامه ، ولو وجدوه لأخرجوا له وجها صحيحاً في اللغة ; وهذا من الإنصاف !!!
لكني أبشر غير المحتج بكلامهم أن التخاريج ستكون حاضرة ، بعد أن يسمعوا قول مالك بن الريب ، كما في الأغاني لأبي الفرج ( 293/22 ) :

يَا عَامِلاً تَحتَ الظلام مَطيَّهُ *** مُتَخايِلاً لا بل وغيرَ مُخايل

وقال صريع الغواني مسلم بن الوليد ( ت208 هـ ) في ديوانه ( 328 ) :

مصيبة نزلت كأنها قذفت *** لا بل وقد فعلت في القلب بالنار

كما يقول أديب العربية الجاحظ في الحيوان ( 36/1 ) : " وكما عُلِّم النَّحْلُ ، بل وعُرِّفَ التُّنَوِّط من بديع المعرفة " .

ويقول العلامة اللغوي الأديب أبو القاسم الزجاجي ( ت337 هـ ) في أخباره ( 202 ) : " فإذا كان الثوب مُخَرَّقاً لا خلاقة ، قيل : ثوب مرق ، وسماميط ، ورعاهل ، بل ومُرَدَّم "

فهاتوا التخريج إذن .... والتخريج الذي أتبرع به عليكم ، أن هناك محذوفاً مقدراً ، هو الفعل : أضيف ، أو أزيدك ، أو نحوها .
فمالك بن الريب يقول : متخايلاً لا بل ( أضيف ) وغير مخايل ، أي : أضيف إلى ذلك قولي : ( وغير مخايل ) ، لأن ( بل ) إنما تكون حرف عطف إذا كان الذي يليها ليس جملة ، أ/ا إذا كان الذي يليها جملة فإنها تكون حرف ابتداء . وإن عددت ( بل ) حرف عطف فأنت على هذا التقدير لم توال بين حرفي عطف ; لمجيء الفعل بينها وبينها ( الواو ) .

فإن قيل : إنما نتكلف التخريج لمن يُحتج بكلامه ، أما غيره فليس أهلاً لذلك ، وإلا تكلفنا تخريج أخطاء العوام ولُكْن الأعجام .

أقول : هذا شطط من القول ، فلا نحن بالذين نطلب تخريج كلام الناس كله ، ولا نحن بالمعرضين عنه كله . وإلا فبالله عليك ( يا أخا العرب ) ألم يكن في العرب العرباء تأتاء واحد ، يوالي بين واوات العطف لا بين ( بل ) و ( الواو ) فقط ؟! ما بال هذا لم ينقل ، ولم يعد لغة ، ولو شاذة ؟! فدعك من الغلو في الحديث والبعد في ضرب الأمثال ، فمن يكلمك في أخطاء العوام ولكن الأعجام ؟!

ألم تسمع أنه كلام أحد من يُحتج بكلامهم ( وهو مالك بن الريب ) وكلام أحد فحول شعراء العصر العباسي الأول ، ( وهو صريع الغواني ) ، وهو كلام أديب العربية الأوحد : ( الجاحظ ) ، وهو كلام أحد أئمة اللغة : ( أبي القاسم الزجاجي ) .

ضابط الكلام الذي يُخرَّج حتى لمن لا يُحتج بكلامه ، أن ندرك من خلال اقتداره على الكلام أو الكتابة ، ومن خلال ما لديه من السليقة العربية = أنه لا يقع في ذلك الخطأ جهلاً أو عُجْمة .هنا يوجب عليك الإنصاف أن تخرج كلامه ، ولا يقول لك منصف حينها : إن هذا تكلف في الاعتذار عن الأخطاء .

فمثلاً : هؤلاء الذين والوا بين ( بل ) و ( الواو ) ، هل رأيتموهم والوا بين ( الواو ) و ( الواو ) ، أو بين ( الواو ) و ( الفاء ) ؟ لم فعلوا الأول ، ولم يفعلوا الثاني ؟!

بل تالله لو قرأت للجاحظ واواتٍ متوالية ، لما فهمتها إلا على وجه الصواب من الكلام . أرأيت لو قرأت للجاحظ قولاً يقول فيه : " لقد نُصح فلان ، وذكر ، و و فما تاب ولا عقل " ، ألم يكن الصواب فيه بلا إشكال أنه قدّر محذوفات ، وكان الأولى أ، يكتب كلامه هكذا : لقد نصح فلان ، وذكر ، و ..... ، و ..... ، فما تاب ولا عقل . بل مثل هذا لو صدر من عامي ، لا على وجه التأتأة والحصر ، لكان هذا هو وجه كلامه ، من غير تكلف في التخريج والتأويل ، بل هو أبعد عن التكلف من كثير من تخاريج أصحاب الشطط لبعض كلام من يُحتج بكلامه في الضرورات الشعرية وغيرها .

فالإنصاف الإنصاف يا معشر اللغويين !!


التعليقات : 1

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.